محمد بوبوش يقارب قضية الصحراء
أصدر محمد بوبوش، أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، الطبعة الأولى 2024 لكتابه المعنون بـ”قضية الصحراء وتناقضات القانون الدولي العام”، الصادر عن دار إفريقيا الشرق.
وأوضح بوبوش أن “الكتاب الذي جاء في 300 صفحة ومن فصلين، يروم تنوير الرأي العام الدولي والوطني حول شرعية مطالب المغرب بخصوص قضية وحدته الترابية واسترجاع أقاليمه الجنوبية، حيث يقدم ترافعا علميا أكاديميا ويسلط الضوء على الجوانب القانونية المرتبطة بالنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، إذ تقع قضية الصحراء بين تناقضات نظرية قانونية على المستوى القانوني، وازدواجية تعامل المجتمع الدولي في التعامل مع حق تقرير المصير والانفصال”.
وأكد المؤلّف أن “القانون الدولي العام تأسس منذ نشأته على مبدأين، هما احترام الوحدة الترابية للدول من جهة، وحق الشعوب في تقرير مصيرها من جهة ثانية، حيث يعتبر كل من مبدأ السلامة الإقليمية للدول وحق تقرير المصير من المبادئ الأساسية في القانون الدولي ومكرسان بموجب ميثاق الأمم المتحدة الذي جعلهما في مستوى واحد من الأهمية”.
وقال بوبوش إن “العلاقة بين المبدأين إيجابية وتكاملية، وهذا على الأقل نظريا، لكن كشفت الممارسة الدولية في الآونة الأخيرة عن تعارض نشأ عند إعمال تقرير المصير مع السلامة الإقليمية للدولة، وهي المعادلة الصعبة التي ارتكزت عليها التوصية 1514 لسنة 1960”.
وأشار الكاتب إلى أن “موضوع الدراسة يدور حول المنطلقات القانونية وطبيعة العلاقة بين إعمال مبدأي تقرير المصير والسلامة الإقليمية (الوحدة الترابية)، والملاحظ أن المجتمع الدولي يتعامل بسياسة الكيل بمكيالين في هذا الصدد، فأحيانا يتم الانتصار لمبدأ حق تقرير المصير بمفهوم الانفصال، وأحيانا يتم تغليب السلامة الإقليمية للدول على حساب تقرير المصير (بمفهوم الانفصال)”.
وفي هذا الإطار، يقدم الكتاب “شروحا قانونية حول ظاهرة الانفصال وتعارضها مع السلامة الإقليمية للدول، بالاستناد إلى بعض الأمثلة الراهنة مدعومة ببعض الاجتهادات القضائية الدولية والممارسات الدولية وموقف الأمم المتحدة، التي كلها تسير في تحريم ظاهرة الانفصال وعدم الاعتراف بالكيانات الانفصالية، لأن هذا من شأنه تهديد سيادة الدول الوطنية التي هي أحد أسس وركائز النظام الدولي الراهن”.
ونبّه محمد بوبوش إلى أن “مبادرة الحكم الذاتي جاءت كحل وسط حاولت التوفيق بين المبدأين المتعارضين، حيث استندت من ناحية إلى إحدى آليات تطبيق حق تقرير المصير، وفي الوقت نفسه حافظت على الوحدة الترابية للمملكة، وهو التوجه الذي تسير عليه الأمم المتحدة والممارسة الدولية بعد الحرب الباردة حفاظا على استقرار النظام الدولي”.
ومن أجل “تقوية الترافع العلمي والأكاديمي عن القضية الوطنية”، يقدم المؤلف “شروحا حول بعض المصطلحات القانونية الدولية التي يستغلها خصوم الوحدة الترابية لتضليل المجتمع الدولي وتقديم صورة عن المغرب كدولة توسعية، محاولين إفراغها من فحواها الحقيقي وتسييسها خدمة لمصالحهم الضيقة”.
وأضاف المصدر ذاته أنه “من أجل ترافع قوي عن القضية، يسعى المؤلف إلى توضيح جوانب القوة في مركز المغرب بالنسبة لإقليم الصحراء باعتبارها جزءا لا يتجزأ من ترابه الوطني، وليس كإقليم غير متمتع بالحكم الذاتي، وتفنيد مزاعم وأكاذيب خصوم الوحدة الترابية (وعلى رأسهم الجزائر) بخصوص ترويج مصطلحات من زمن الحرب الباردة عفا عليها الزمن مثل [الاحتلال] واتهام المغرب بهتانا بـ[استغلال الثروات الطبيعية بشكل مخالف للقانون الدولي]”، مستدلا ببعض القواعد القانونية وبعض الآراء لكبار المختصين التي تفند مزاعم بعض المدافعين عن الأطروحة الانفصالية.
وأفاد بوبوش بأن “الكتاب يختتم الدراسة بمسألة التكييف القانوني لسكان مخيمات تندوف باعتبارهم [محتجزين] وليس [لاجئين] كما تدعي الجزائر، التي تتحمل المسؤولية كاملة بموجب القانون الدولي عن التضييق على الساكنة ونهب المساعدات الموجهة إليها وتجنيد أطفال المخيمات وحرمانهم من أبسط حقوقهم”.
وشدّد الكاتب على أن “ادعاء جبهة البوليساريو تمثيلها لساكنة الصحراء هو ادعاء باطل غير واقعي، فسكان الصحراء ممثلون في المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية والمجالس المنتخبة محليا، كما أن شؤونهم المحلية يتم تسييرها بطريقة حرة وديمقراطية”.
وختم بوبوش توضيحاته حول الكتاب بالتأكيد على أنه “في ظل الزخم الدبلوماسي الذي تعرفه القضية الوطنية في المرحلة الراهنة، فإن الحاجة أصبحت أكثر إلحاحا للترافع القانوني حول القضية، عبر تنظيم دورات تكوينية لكل من له صلة بالقضية بشكل مباشر (النواب البرلمانيين والأحزاب السياسية واتحاد مقاولات المغرب وغرف الفلاحة والصيد البحري والجالية المغربية المقيمة بالخارج وغيرهم من مكونات المجتمع المدني)”.