نداءات ترفض تحويل تلاميذ المغرب إلى أصول تجارية في مواقع التواصل

نداءات ترفض تحويل تلاميذ المغرب إلى أصول تجارية في مواقع التواصل
نداءات ترفض تحويل تلاميذ المغرب إلى أصول تجارية في مواقع التواصل

حرك نشر مقطع فيديو لطفل بحجرة دراسية في إحدى المؤسسات التعليمية المغربية وقد غدت عبارته المكررة “كتغوتي علي” مادة للسخرية والتندر على مواقع التواصل الاجتماعي، الجدل بشأن تزايد بث وتداول مشاهد للتلاميذ والتلميذات المغاربة من قبل أستاذات وأساتذة يملكون قنوات شخصية داخل هذه الفضاءات، وأحيانا من قبل المدارس نفسها، ودون التوفر على إذن أو علم مسبق من أولياء أمور المعنيين.

ونبه فاعلون تربويون ومهتمون إلى استفحال ظاهرة تصوير التلاميذ داخل الفضاءات التعليمية وبثها أحيانا على المباشر في مواقع مثل “تيك توك” و”فيسبوك”، ما يسائل “مدى وعي من يقبلون على مثل هذه الممارسات بخطورتها القانونية والآثار النفسية التي يمكن أن تجلبها، خصوصا عند تحويل طفل إلى مادة للفرجة وأحيانا السخرية والتندر في الفضاء الرقمي”.

وبالإضافة إلى تفعيل الأسر المتضررة حقها في المتابعة القضائية لمرتكبي هذه الأفعال، يشير المصدر ذاته إلى أن “تطويق الظاهرة التي تخدش صورة الأستاذ المغربي يتطلب إلزام المراكز الجهوية للتربية والتكوين باستحضار التطورات التكنولوجية من خلال إضافة وحدة دراسية خاصة بأخلاقيات المهنة، وتوعية المؤسسات التعليمية المغربية أطرها بشأن المقتضيات القانونية المؤطرة لتوظيف الوسائل التكنولوجية داخلها، لا سيما عبر تفعيل ميثاقي المؤسسة والمتعلم”.

“غياب الضمير وخرق القانون”

في تعليقه على الموضوع، قال خالد الصمدي، خبير تربوي كاتب الدولة للتعليم العالي سابقا، إن “غياب الضمير بات يدفع بعض الأساتذة والأستاذات إلى تصوير مشاهد للأطفال باستغلال براءتهم ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي لأهداف تجارية وربحية”، مذكرا بأن “الواقعة الجديدة تأتي بعد نحو أسبوع فقط من نشر صور لأطفال مدرسة أخرى وهم يرددون أغنية [مهبول أنا] بدلا من [صوت الحسن] في ذكرى المسيرة الخضراء”.

وأوضح الصمدي، في تصريح لهسبريس، أن “تصوير التلاميذ داخل المؤسسة التربوية دون إذن أو علم مسبق من أوليائهم، ممنوع بموجب القانون؛ نظرا لأنه يعد خرقا لخصوصية هذه الفئة الهشة، مثلما هو ممنوع في المجال العام كذلك”، مشيرا إلى “احتفاظ المؤسسة التعليمية أو أولياء الأمور في مثل هذه الحالات بحق رفع دعوى قضائية ضد الأستاذة أو الأستاذ الذي يرتكب مثل هذا الخطأ القانوني الجسيم”.

وسجل كاتب الدولة للتعليم العالي سابقا “ضرورة اتخاذ إجراءين من أجل محاصرة هذه الظاهرة داخل المؤسسات التعليمية. يتمثل الأول في إحداث وحدة دراسية بالمراكز الجهوية للتربية والتكوين حول أخلاقيات المهنة، يدرس فيها الأساتذة المتدربون سبل التوظيف الأخلاقي للهواتف والأدوات الإلكترونية الأخرى داخل المؤسسة، ومختلف المقتضيات القانونية والتشريعية المؤطرة لاستعمال هذه الوسائل التكنولوجية”.

أما الإجراء الثاني، وفق الصمدي، فيتعلق “بإلزام جميع المؤسسات بإعداد ميثاق المؤسسة وميثاق المتعلم، نظرا لأنه رغم إلزاميتهما بموجب القانون، نجد الكثير من المدارس لا تتوفر عليهما”، مشددا على أهمية “هاتين الوثيقتين في توعية الأساتذة والأستاذات بالخطورة القانونية التي ينطوي عليها تحويل التلاميذ إلى مادة للمتاجرة داخل مواقع التواصل الاجتماعي”.

وأضاف الصمدي أنه “من المحبذ أن تصدر الوزارة مذكرة للتذكير والتنبيه في هذا الشأن، وهي تتوفر على مختلف الأطر التشريعية والقانونية المرجعية الممكن الاعتماد عليها في خطوتها هذه، على رأسها الميثاقان المذكوران والمرسوم المنظم لصلاحيات جمعيات الآباء الذي منحها مجموعة من الصلاحيات في تنظيم الفضاء المدرسي والعلاقات داخل المؤسسات التعليمية”.

“أغراض ربحية”

من جهته، رفض الحسين زاهدي، خبير في السياسات التربوية العمومية، “توظيف التلاميذ المغاربة لتحقيق أغراض ربحية ومادية، في الوقت الذي ينبغي أن تكون المدرسة فضاء لتمكينهم من حقوقهم الدستورية في التعلم والتنشئة الاجتماعية”. وقال إن “نشر فيديوهات للأطفال على مواقع التواصل الاجتماعي يعد اختراقا لخصوصيتهم، ومن حق أسرهم أن تتابع المدرسة والمعلم المعنيين قضائيا”.

وشدد زاهدي، في تصريح لهسبريس، على أنه “قبل الوصول إلى القضاء، يتعين أن يتخذ مدير المؤسسة التعليمية المعنية والمدير الإقليمي للوزارة والمدير الجهوي إجراءات تأديبية وعقابية بحق أي مدرس سولت له نفسه اتخاذ الأطفال مادة للتندر أو السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي”، مردفا بأن “المدرسة فضاء له حرمته ومحمي بموجب القانون، بحيث إن تقديم المساعدات لها يتطلب المرور بإجراءات قانونية وإدارية عديدة”.

وأكد الخبير في السياسات التربوية العمومية أن “توظيف المدرسين والمدرسات للهواتف أو أي أداة إلكترونية قد تخرج المدرسة عن وظائفها المحددة لها أو تمس بكرامة التلميذات والتلاميذ، يعد ممنوعا بموجب القانون، إلا أن الإشكال يكمن في عدم تفعيل هذا المقتضى”.

وأوضح أن “الواقعة تمثل فرصة لكي تصدر الوزارة مذكرة لتوعية الأساتذة وتذكيرهم والأطقم الإدارية بهذه المقتضيات”، مشيرا إلى وجود “ميثاق المتعلم الذي يضم حقوقه وواجباته، وميثاق المؤسسة الذي يحدد العلاقة بين جميع مكونات المؤسسة، من الضروري تفعيله للحد من الممارسات غير التربوية وغير القانونية التي نحن بصددها”.

قد تقرأ أيضا