الإمارات بقمة الـ20.. مشاركة بارزة تتوج نصف قرن من العلاقات مع البرازيل
دلالات ورسائل هامة تحملها مشاركة الإمارات في قمة الـ20 بالبرازيل، سواء على صعيد العلاقات الثنائية، أو تعاظم مكانتها الدولية.
وعقد الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي مع الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا جلسة مباحثات رسمية، تم خلالها بحث سُبل تعزيز علاقات الصداقة والتعاون بين دولة الإمارات والبرازيل والجهود المبذولة لتطويرها وتنميتها.
واستعرض الجانبان، خلال اللقاء، تطوُّر العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات والبرازيل في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك، لا سِيَّما في الاقتصاد والاستثمار والطاقة المتجددة والاستدامة، مثمّنين مرور 50 عاماً على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والتي شهدت نموَّاً وتطوُّراً خلال هذه الفترة، ما يعكس عمق الروابط التي تجمع بين البلدين والحرص المتبادل على تعزيزها.
كما تطرَّق الجانبان إلى البرامج والمبادرات التي يُمكن أن تُسهم في توسيع آفاق التعاون المشترك، بما يعزز التنمية المستدامة في كلا البلدين.
وكان الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، قد وصل إلى البرازيل، يوم أمس الأحد، في زيارة رسمية، لحضور أعمال قمة مجموعة العشرين في دورتها التاسعة عشرة، التي ستُعقَد خلال يومَي 18 و19 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، وذلك نيابة عن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات.
ويشهد ولي عهد أبوظبي، على هامش الزيارة، تبادل عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والشراكات الاستراتيجية بين مؤسسات وشركات إماراتية وبرازيلية في مختلف المجالات الحيوية.
تعزيز الشراكة الاستراتيجية
زيارة تحمل أهمية خاصة على صعيد العلاقات الثنائية بين البلدين، حيث تتزامن مع مرور نصف قرن على تأسيس علاقات بين البلدين.
ويرتقب أن تسهم زيارة ولي عهد أبوظبي والمباحثات التي ستصاحبها والاتفاقيات التي سيتم توقيعها خلالها، في تعزيز الشراكة الإستراتيجية التي تربط البلدين ودفع مسيرة التنمية المستدامة، وتحقيق مزيد من الازدهار والتقدم لكلا البلدين.
وأقيمت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بتاريخ 26 مايو/ أيار عام 1974، وافتتحت سفارة البرازيل في أبوظبي عام 1978، في حين افتتحت الإمارات سفارتها في برازيليا عام 1991 لتكون أول سفارة للدولة في أمريكا الجنوبية، كما تم افتتاح قنصلية الإمارات العامة في ساو باولو في مارس/ أذار 2017.
وشهدت العلاقات بين البلدين تطورا مضطردا مع اتفاقهما في عام 2019 على الارتقاء بعلاقاتهما الثنائية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية.
وتعكس الزيارات الرسمية المتبادلة والمستمرة بين كبار المسؤولين في كلا البلدين عمق وصلابة العلاقات الثنائية بينهما والرغبة المشتركة في المضي بها نحو مزيد من التطور والتقدم بما فيه مصلحة الشعبين الصديقين.
وضمن هذا الإطار تأتي زبارة ولي عهد أبوظبي بعد أقل من عام من زيارة رئيس البرازيل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا للإمارات في ديسمبر/ كانون الأول الماضي للمشاركة في قمة المناخ كوب 28، حيث أجرى مباحثات مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
واشترك البلدان في إطلاق عدة مبادرات خلال القمة وبعدها لتحقيق أهداف القمة في مواجهة أبرز تحدٍ يواجه البشرية وهو تغير المناخ، ومن أهمها:
- إطلاق البلدين خلال قمة المناخ، مجموعة أصدقاء العمل المناخي المرتكز على الثقافة، ويدعو هذا التحالف الجديد، الذي يضم في عضويته 33 دولة والعديد من وكالات الأمم المتحدة، إلى الاعتراف بالدور المحوري للثقافة في سياسات تغير المناخ.
- مبادرة ترويكا رئاسات مؤتمر الأطراف الثلاث COP28,COP29,COP30 التي تم إطلاقها في فبراير/ شباط الماضي بهدف ضمان التعاون والاستمرارية بين المؤتمرات التي استضافتها الإمارات في 2023 وأذربيجان في 2024، وستسضيفها البرازيل في 2025، لتعزيز العمل المناخي للحفاظ على الحد من متوسط ارتفاع درجات حرارة الأرض، إلى عتبة 1.5 درجة مئوية لمنع الاحتباس الحراري.
وجاءت زيارة دا سيلفا للإمارات في ديسمبر/ كانون الأول الماضي بعد عدة شهور من زيارة لأبوظبي في 15 إبريل/ نيسان من العام 2023، حيث أجرى خلالها أيضا مباحثات مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وشهدت توقيع عدد من مذكرات التعاون في عدة مجالات، وأصدر البلدن بيانا مشرك في ختامها.
وأيضا ضمن أحدث الزيارات المتبادلة للمسؤلين رفيعي المستوى من البلدين، قامت لانا نسيبة، مساعدة وزير الخارجية الإماراتي للشؤون السياسية، بزيارة رسمية إلى البرازيل يومي 5 و 6 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، أجرت خلالها لقاءات مع كبار المسؤولين ومراكز الفكر والإعلاميين، في إطار تعزيز التعاون بين البلدين.
وبحثت خلال الزيارة سبل تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات بما في ذلك التجارة والاستثمار، والتطورات السياسية، والجهود الرامية إلى الحد من تغير المناخ، وسبل تعزيز عمل المؤسسات المتعددة الأطراف، وأهمية إيجاد حل سلمي للصراعات في جميع أنحاء العالم.
زيارة جاءت بعد نحو أسبوع، من عقد مجلس الأعمال الإماراتي البرازيلي اجتماعه الأول في ساو باولو 26 أكتوبر، تشرين الأول الماضي.
وناقش المجلس سبل فتح آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي، وتحديد مجالات التركيز الرئيسية التي ستشكل أولويات المجلس خلال الفترة المقبلة.
وفي 19 من الشهر نفسه، أطلقت حكومة دولة الإمارات وحكومة جمهورية البرازيل الاتحادية، شراكة استراتيجية في مجالات التحديث وتطوير الإدارة الحكومية، ضمن مبادرات برنامج التبادل المعرفي الحكومي، وفي إطار جهود حكومة الإمارات لتوسيع آفاق الشراكة العالمية والتعاون الدولي في تبادل الخبرات ومشاركة أفضل التجارب في تطوير العمل الحكومي بما ينعكس إيجاباً على المجتمعات.
جاء ذلك بعد نحو شهر من زيارة أجراها ماورو فييرا وزير الخارجية البرازيلي للإمارات نقل خلالها رسالة خطية من رئيس البرازيل إلى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، تتصل بالعلاقات الثنائية بين البلدين.
زيارات ومباحثات تبرز حرص البلدين على تعزيز العلاقات والشراكة الإستراتيجية التي تربطهما.
ويعزز ذلك تناغم السياسات وتوافق الرى بين البلجين تجاه مختلف القضايا.
وتلتزم الدولتان بتعزيز عالم أكثر ازدهاراً وإنصافاً، يتسم بالسلام، والتسامح، والتعايش، والشمول، والتنمية المستدامة. وقد حفّزت هذه النظرة المشتركة البلدين على التعاون الوثيق خلال فترة ولايتهما كأعضاء منتخبين في مجلس الأمن الدولي في الفترة من 2022 - 2023 .
قمة العشرن.. رؤى مشتركة
وتعكس دعوة البرازيل للإمارات كضيف في قمة العشرين تقديرها لمكانة الإمارات ودورها الإقليمي والدولي المتصاعد في مختلف المجالات.
وتأتي مشاركة دولة الإمارات في أعمال قمة مجموعة العشرين التي تعقد يومي 18 و19 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي في العاصمة البرازيلية ريو دي جانيرو، تحت شعار "بناء عالم عادل وكوكب مستدام" في إطار تبادل الرؤى المشتركة مع البرازيل، ما يدعم العمل المشترك من أجل تحقيق الأهداف المستقبلية.
وأعلنت دولة الإمارات دعهما لأولويات الرئاسة البرازيلية لمجموعة العشرين، التي تتمثل في تطوير منظومة الحوكمة العالمية، ومكافحة الفقر والجوع، ومواجهة تحديات المناخ وتحولات الطاقة.
وعلى مدار العام الجاري حرصت دولة الإمارات على المشاركة في جميع الاجتماعات الوزارية المرتبطة بمجموعة العشرين التي عقدت في البرازيل، والتي تضمنت اجتماع وزراء الخارجية، واجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية، واجتماع وزراء التجارة والاستثمار، واجتماع وزراء العمل والتوظيف، واجتماع الشيربا، واجتماع وزراء سياحة قمة مجموعة العشرين لعام 2024، واجتماع وزراء الزراعة، واجتماع وزراء الطاقة، واجتماع وزراء الصحة بهدف بحث التحديات الصحية العالمية وتحديد الأولويات الإستراتيجية، واجتماعات وزراء التعليم، وغيرها من الاجتماعات التي جاءت ضمن أجندة عمل المجموعة.
مكانة تتعاظم
أيضا تحمل مشاركة الإمارات في قمة العشرين دلالات ورسائل هامة تبرز تعاظم مكانتها ودورها المحوري كشريك استراتيجي مؤثر وموثوق في معالجة مختلف التحديات الدولية، وتزايد التقدير الدولي لدورها المؤثر في ترسيخ التعاون الإقليمي والدولي، وتعزيز السلام والاستقرار في مختلف دول العالم.
وتشارك الإمارات في قمة "مجموعة العشرين" في البرازيل، للمرة الثالثة على التوالي والسادسة في تاريخها، لتكون أكثر الدول العربية التي تمت دعوتها للمشاركة كدولة ضيف في القمة.
وكانت دولة الإمارات قد تلقت دعوة من الرئاسة البرازيلية لمجموعة العشرين للمشاركة بصفة ضيف في أعمال قمة المجموعة للعام 2024، وذلك للمرة الثالثة على التوالي بعد أن تلقت دعوة مماثلة من الرئاسة الهندية عام 2023، ومن الرئاسة الإندونيسية للمجموعة للعام 2022.
كما سبق أن شاركت دولة الإمارات في أعمال وقمة مجموعة العشرين في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 تحت الرئاسة السعودية، وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2011 تحت الرئاسة الفرنسية.
كما شاركت دولة الإمارات في قمة قادة دول مجموعة العشرين الاستثنائية الافتراضية برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، التي عقدت في مارس/آذار 2020 لمناقشة سبل المضي قدما في تنسيق الجهود العالمية لمكافحة جائحة كورونا، والحد من تأثيرها الإنساني والاقتصادي.
وتتألف مجموعة العشرين من معظم الدول الاقتصادية الكبرى في العالم التي تمثل 85% من الناتج المحلي الإجمالي و75% من التجارة العالمية، وتضم 19 دولة صناعية كبرى، إضافة إلى مقعد للاتحاد الأوروبي وبمشاركة مجموعة من المنظمات الدولية.
وعلى مدار تاريخ مشاركاتها في قمم العشرين، أظهرت إسهامات ومشاركات دولة الإمارات المهمة والفاعلة، فارقا كبيرا، وتركت بصمات بارزة في تاريخ قمم المجموعة، وأسهمت في رسم مستقبل مشترك أكثر ازدهارا واستدامة.
وتركزت مشاركات دولة الإمارات في تلك القمم إجمالا على سبل مواجهة التحديات العالمية لا سيما فيما يتعلق بالتعافي بعد جائحة كوفيد-19، وتغير المناخ، والتحول في مجال الطاقة، والحد من مخاطر الكوارث، والتعرض لمخاطر المديونية، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
دبلوماسية الشراكات
تأتي مشاركة الإمارات في قمة العشرين بعد نو شهر من مشاركة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي في أعمال القمة الــ16 لقادة دول مجموعة "بريكس"، في مشاركة هي الأولى لدولة الإمارات في القمة بصفتها عضواً في مجموعة "بريكس" التي انضمت لها مطلع العام الجاري، والتي تعد البرازيل من بين أعضائها.
وتأتي مشاركة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في قمة "بريكس" بعد 4 شهور من مشاركته في يونيو/حزيران الماضي، في قمة مجموعة السبع تلبية لدعوة من جورجيا ميلوني رئيسة الوزراء الإيطالية، التي ترأست بلادها أعمال القمة.
قمم وشراكات تبرز المكانة الكبيرة لدولة الإمارات وقيادتها وثقلها وأهميتها في المجتمع الدولي، وحضورها الفاعل، وحرصها على تعزيز الحوار والتعاون الدولي لبحث مختلف التحديات الإقليمية والدولية، ونقل تجاربها وخبراتها وتعميم الاستفادة من مبادراتها، والثقة الدولية في رؤاها وسياساتها، ويرسخ مكانتها الاقتصادية والتجارية الدولية كشريك موثوق يربط شمال العالم بجنوبه وشرقه بغربه.
وتؤمن الإمارات بأن الشراكات وحدها قادرة على تخطي تحديات اليوم المركبة والمتداخلة، وأهمها أمن الغذاء والطاقة، وتغير المناخ، والرعاية الصحية، وأنها السبيل الأمثل لتحقيق السلام والأمن والتقدم والرخاء والازدهار والتنمية.
وتمثل مشاركة الإمارات في قمة العشرين فرصة إضافية لتحقيق تلك الأهداف، وتأكيد ريادتها كشريك قادر على تقديم حلول مبتكرة للتحديات المشتركة بما يعزز أمن وازدهار واستقرار العالم.
aXA6IDMuMTI4LjMzLjIwOSA= جزيرة ام اند امز US