مناورة بحرية تسلّط الضوء على ملف «توحيد الجيش الليبي»
بمشاركة قوتين من شرق البلاد وغربها وبرعاية «أفريكوم»
أعادت مناورة بحرية إقليمية، أجريت في تونس، تسليط الضوء على ملف توحيد المؤسسة العسكرية في ليبيا، المجمد منذ أعوام، بعد مشاركة قوتين تابعتين لـ«الجيش الوطني»، وحكومة «الوحدة» المؤقتة.
التمرين البحري «فينيكس إكسبرس» الذي انتهى منتصف الشهر الحالي، جاء بمشاركة القيادة العسكرية الأميركية بأفريقيا «أفريكوم» و12 دولة، هي الجزائر وليبيا والمغرب وموريتانيا والسنغال وتركيا وإيطاليا ومالطا وبلجيكا وجورجيا، إضافة إلى تونس.
وفي خطوة رآها متابعون لا تخلو من دلالات، شاركت إحدى تشكيلات البحرية التابعة للقيادة العامة لـ«الجيش الوطني»، مع نظيرتها في طرابلس في التمرين البحري، حسبما أعلنت قوات القيادة الجيش في شرق البلاد.
وتعطلت اجتماعات توحيد الجيش الليبي، إثر أزمات سياسية، برغم أنها كانت قد قطعت شوطاً في سبيل إنهاء انقسام المؤسسة العسكرية بين شرق ليبيا وغربها.
وعدّ وزير الدفاع الليبي السابق، محمد البرغثي، العسكريين في بلده «كياناً واحداً»، معتقداً أن توحيد المؤسسة العسكرية «ربما يكون قريباً». من دون أن يقدم مبرراً لذلك.
وإذ يلفت البرغثي إلى أن هذه «المناورة هي الأولى بين العسكريين الليبيين من الجانبين»، فإنه يُذكّر «باتفاق سابق منذ أقل من عامين على تشكيل قوة مشتركة بمستوى لواء كحرس للحدود الجنوبية، لكنها لم تتشكل بعد».
ومنذ أقل من عامين، اتفق رئيسا أركان الجيش في شرق ليبيا وغربها: الفريق أول عبد الرازق الناظوري، والفريق أول محمد الحداد، على تشكيل هذه القوة المشتركة «كخطوة أولى لحماية الحدود»، بحضور قائد «أفريكوم» مايكل لانجلي خلال مؤتمر رؤساء الأركان الأفارقة في روما في مارس (آذار) 2023.
ويتحدث المدير السابق لشؤون شمال أفريقيا في «مجلس الأمن القومي» الأميركي، بين فيشمان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عن رهان أميركي «على نجاح توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، بما يؤدي إلى تقليص الوجود الروسي في ليبيا».
وتزايدت التكهنات بشأن مسارات الاستراتيجية الأميركية نحو توحيد الجيش الليبي، علماً بأن التدريبات التي يرعاها «أفريكوم» شهدت زيارة أجراها السفير الأميركي بتونس والمنسق العام للتمرين البحري من «أفريكوم» للباخرة «الكرامة».
ويعول البرغثي، لـ«الشرق الأوسط»، على إجراء انتخابات رئاسية تفضي إلى رئيس منتخب يكون بمثابة القائد الأعلى للجيش الليبي في ظل دستور دائم للبلاد.
في هذه الأثناء، كان مثيراً لانتباه المراقبين، ظهور لافتات تحمل صور حفتر على متن السفينة «الكرامة» التابعة للقيادة العامة، التي شاركت في تدريبات تونس، علماً بأن قوات غرب ليبيا شاركت على متن باخرة أخرى تحمل «ابن عوف».
وحسب محللين، فإن العامل الضاغط على واشنطن في تحركاتها هو وجود مئات من المرتزقة التابعين لمجموعة «فاغنر» العسكرية في ليبيا، بحسب تقرير سري للأمم المتحدة عام 2020.
وسبق أن جدّدت واشنطن في يونيو (حزيران) الماضي دعمها الكامل للحلول التي يقودها الليبيون لتوحيد جيشهم، وفق بيان لسفارتها في ليبيا، وذلك إثر لقاء رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، الجنرال تشارلز براون، مع الحداد والناظوري، في مؤتمر رؤساء الدفاع الأفارقة عام 2024، في عاصمة بوتسوانا غابورون.
ويعيد البرغثي التذكير بوعود عسكرية أميركية سابقة لليبيين بدعم تدريبي وعسكري، ويقول إنها «تبخرت بعد مقتل السفير كريستوفر ستيفنز في ليبيا عام 2013»، معرباً عن قناعته بأن الغرض الرئيسي من مناورات تونس هو «احتواء نفوذ موسكو المتزايد بعد إنشاء الفيلق الأفريقي الروسي في المنطقة».
وتزامن هذا التطور مع لفتة رمزية، احتفت بها صفحات رسمية تابعة للقيادة العامة، تمثلت بإهداء آمر القوات الخاصة البحرية في طرابلس «درعاً تذكارية» إلى نظيره من بنغازي في ختام التدريبات.
"); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-3341368-4'); }); }