العثور على مقبرة جماعية تضم رفات 123 جثة بإنجلترا.. ما القصة؟
نشر في: الثلاثاء 19 نوفمبر 2024 - 8:41 م
آخر تحديث: الثلاثاء 19 نوفمبر 2024 - 8:41 م
في حدائق على بعد أمتار قليلة من كاتدرائية ليستر الموجودة في إنجلترا، اكتشف علماء الآثار أثناء التنقيب، حفرة مملوءة ببقايا جثث لـ123 رجلاً وامرأة وطفلاً.
إنها واحدة من أكبر المدافن التي تم التنقيب عنها على الإطلاق في المملكة المتحدة، وتشير الأبحاث إلى أن الجثث قد تم إلقاؤها هناك منذ أكثر من 800 عام، في أوائل القرن الثاني عشر، ومع ذلك، فإن أسباب وضع الجثث في هذه الحفرة الصغير لا تزال لغزا.
وقال ماثيو موريس، مسئول المشروع في الخدمات الأثرية بجامعة ليستر: "لا تظهر على عظامهم أي علامات عنف، مما يتركنا أمام سببين بديلين لهذه الوفيات: المجاعة أو الوباء"، وفقا لصحيفة الجارديان البريطانية.
وأشار موريس وزملاؤه إلى أن الجثث قد تم وضعها في تتابع سريع، قائلا: "يبدو كما لو أن عربات محملة بالجثث تم إحضارها إلى هذه الحفرة ثم تم إسقاطها حمولة فوق الأخرى في فترة زمنية قصيرة جدًا"، موضحا "ربما يمثل الأشخاص الموجودون هنا حوالي 5% من سكان المدينة آنذاك".
وقال موريس، إن اكتشاف المدفن الجماعي يشير إلى واقع الحياة في إنجلترا منذ أكثر من 8 قرون، مؤكدا أنه "تم العثور على مدافن أخرى في المنطقة ولكن هذه هي الأكبر على الإطلاق، ومجرد محاولة العثور على مدافن مماثلة في أي مكان في العالم هو أمر صعب".
وأوضح موريس أن السجلات الأنجلوسكسونية تذكر مرارًا وتكرارًا الأوبئة والحمى الشديدة والوفيات الكثيرة بسبب الجوع والمجاعة في إنجلترا من منتصف القرن العاشر وحتى منتصف القرن الثاني عشر، مشيرا إلى "أن هذا الدفن الجماعي يتزامن مع هذه الحقبة الزمنية ويوفر دليلاً ماديًا على ما كان يحدث آنذاك في جميع أنحاء المملكة".
ويأتي اكتشاف المدفن الجماعي نتيجة قرار بناء مركز جديد لتعليم التراث في الكاتدرائية.
ويشار إلى أنه قبل اثنى عشر عامًا، تم العثور على جثة ريتشارد الثالث ملك إنجلترا سابقا تحت موقف سيارات قريب، حيث دُفن بعد ذلك في الكاتدرائية، مما أدى إلى ارتفاع أعداد الزوار 10 أضعاف الطبيعي، ولمواجهة هذا التدفق في العدد، تم الموافقة على بناء مركز جديد ليستوعب عدد الزائرين، وتم الآن الانتهاء من بناءه، وفي الحديقة الخاصة به اكتشفوا رفات 123 رجلاً وامرأة وطفلًا، بدءًا من الذين دُفنوا في القرن التاسع عشر وحتى الذين دُفنوا في أوائل القرن الحادي عشر.
وأردف موريس، "لقد وجدنا كمية هائلة من الآثار أسفل هذه المدافن، حيث وجد فريق البحث أدلة على وجود مساكن أنجلوسكسونية، وضريحًا رومانيًا أسفلها، لكن الأمر المدهش هو وجود عمود الدفن الصغير الذي تم اكتشافه في أحد جوانب الحفر، والذي يحتوي على بقايا 123 فردًا".
في البداية، افترض الفريق أن هؤلاء الأشخاص ماتوا أثناء تفشي الطاعون الدبلي الذي ضرب إنجلترا عام 1348 والذي يُعتقد أنه قتل ما بين ثلث ونصف السكان.
وقال موريس: "اعتقدنا في البداية أن هذا سيكون أول دليل على وصول الطاعون إلى ليستر، ثم حصل الفريق على نتائج اختبارات التأريخ بالكربون المشع للعظام من الحفرة، وأظهرت هذه أن الجثث قد تم إلقاؤها هناك قبل أكثر من 150 عامًا، في بداية القرن الثاني عشر تقريبًا".
وقال موريس: "كان ذلك مفاجئاً، ليس لدينا أي فكرة، في الوقت الحاضر، عن السبب الذي قد يؤدي إلى مثل هذا السبب الهائل للوفيات، على حد علمنا، لم يصل الطاعون الدبلي إلى شواطئ إنجلترا حتى عام 1348، إذن، ما هو سبب الوفيات الجماعية التي حدثت آنذاك؟".
وللعثور على أجوبة لهذا السؤال، أرسل فريق ليستر عينات من الجثث الموجودة في الحفرة إلى علماء الوراثة في معهد فرانسيس كريك في لندن من أجل البحث عن الفيروسات أو البكتيريا أو الطفيليات التي ربما تكون السبب وراء هذه الكارثة التي ضربت ليستر.
وقال موريس: "من الواضح أنه كان تفشيًا مدمرًا له يشبه الأحداث الأخيرة، ولا سيما جائحة كوفيد، كما أنه لا يوجد أي دليل على وجود ملابس على أي من الجثث لا أبازيم أو دبابيس، ولا شيء يشير إلى أن هؤلاء كانوا أشخاصًا سقطوا موتى في الشارع قبل جمعهم وإلقائهم"، متابعا "هناك دلائل توضح أن أطرافهم كانت لا تزال معًا، مما يشير إلى أنهم كانوا ملفوفين في أكفان، وهذا يعني أن عائلاتهم تمكنوا من تجهيز هذه الجثث للدفن قبل أن يقوم شخص من السلطة المركزية بجمعهم ونقلهم إلى الحفرة للدفن الجماعي".