ذكرى ميلاد تهاني الجبالي أول قاضية مصرية.. كانت للإخوان «بالمرصاد»
على مدى مشوارها المهني، دفعت المستشارة الراحلة تهاني الجبالي ثمن مواقفها ومبادئها، ورغم العقبات لم تندم، فعاشت قوية ومؤثرة لا تخضع إلا لحب الوطن.
امتلكت المستشارة المصرية تهاني الجبالي صفة أول قاضية مصرية، فجاء تعيينها في المحكمة الدستورية العليا، ليجعلها صاحبة أعلى منصب قضائي تتمكن امرأة من توليه في مصر، وهو ما حملها بالمسئولية، فوضعت على عاتقها ضرورة السعي وراء مصالح وطنها. وألا تخشى في ذلك المناصب.
من هي تهاني الجبالي؟
ولدت تهاني محمد السيد حسب الله الجبالي في محافظة الغربية- شمال مصر- في 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 1950، لابوين امتلكا عقل مستنير كما كانت تصفهما "أنا امراة مصرية عادية.. لكن أتيح لي الفرص من خلال أب وأم عندهم استنارة"، فاستثمر الأبوين في ابنتهما، التي أثبتت التفوق، فكان ترتيبها الخامس على مستوى الجمهورية في الثانوية العامة.
التحقت تهاني الجبالي بكلية الحقوق جامعة المنصورة، وبعد التخرج عام 1973 أعدت الدراسات العليا في الشريعة الإسلامية والقانون الدستوري، ثم عملت بمهنة المحاماة لدي محكمة النقض والمحاكم العليا ما يقترب من 30 عامًا، تولت خلالها مهام المحكم التجاري بغرف التحكيم العربية والدولية، كما أنها كانت خبير قانوني معتمد لدى جامعة الدول العربية والأمم المتحدة، وكذلك اللجنة التشريعية والسياسية بالمجلس القومي للمرأة.
كانت الجبالي أول محامية مصرية منتخبة بمجلس نقابة المحامين، كما أنها أول محامية تُنتخب في المكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب، مما جعلها أول سيدة تنال هذا المنصب بالاتحاد منذ تأسيسه عام 1944، كما أنها كانت عضوة بعدد من المراكز والمعاهد والمؤسسات القانونية العربية والدولية المعنية بحقوق الإنسان والمرأة والطفل.
لم تكتف تهاني الجبالي بالمناصب التي وصلت لها، ولكنها كانت مهتمة بالإصلاح والتعبير عن مواقفها الوطنية ومبادئها الراسخة، أمام أي تهديد تستشعره لمصالح وطنها، وخلال سنوات نشاطها عملت كمحاضرة في مركز التدريب وتكنولوجيا المعلومات التابع لاتحاد المحامين العرب، ونالت عضوية مجلس أمناء المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، وكانت عضو لجنة القانون بالمجلس الأعلى بالثقافة وعضو الهيئة الاستشارية لمكتبة الإسكندرية.
أول قاضية مصرية
بعد سنوات من إثبات الذات والعمل لصالح استقلال القضاء المصري، تم تعيين المستشارة تهاني الجبالي بقرار جمهوري في 22 يناير 2003 بمنصب نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، لتكون أول قاضية مصرية، وصاحبة أعلى منصب قضائي تتولاه امرأة في مصر.
ورغم الجدل الذي أثاره تعيينها في هذا الوقت، كانت تهاني الجبالي على قدر المسئولية، وكانت دائما تعمل على إعلاء قيمة العدل، ومناصرة حقوق المرأة، كما أنها قدمت عدد من الأبحاث والكتب حول القانون والقضاء في مصر، منها: كتاب "الحقوق الدستورية للمرأة في الدساتير العربية والإسلامية، ودراسة مقارنة في دساتير مصر وتركيا والمغرب وإيران، وبحث حول تاريخ الحركة النسائية المصرية والعربية، وكتاب "حقوق المرأة الإنسانية".
صراع الجبالي والإخوان
مع تولي الإخوان المسلمين للحكم في مصر، في الفترة التي أعقبت ثورة يناير 2011، كانت المستشارة تهاني الجبالي تتصدى لتعديات الجماعة والرئيس الراحل محمد مرسي على أحكام الدستور والقانون المصري، وترفض تدخلات "الجماعة" في قرارات الدولة، وقالت في أحد اللقاءات التلفزيونية "الدكتور محمد مرسي مشكلته أنه مأمور من جماعة الإخوان المسلمين".
لم تمر معارضتها على خير، ففي ديسمبر/ كانون الأول 2012، تم استبعاد تهاني الجبالي من منصبها بالمحكمة الدستورية العليا، بعد إقرار نص دستوري يُقلص عدد القضاة بالمحكمة من 19 عضوًا إلى 11 عضوًا.
تعتبر تهاني الجبالي أن دور القاضي لا يتوقف عند المنصة وإصدار الأحكام، وكانت تقول إن "جزء من مسئولية القاضي، حين يتعرض الوطن ومقوماته للخطر، فلا بدّ أن يتكلم"، ورغم أن مواقفها الرافضة لممارسات جماعة الإخوان في مصر، أدت إلى فقدانها لمنصبها، لم تشعر بالندم ولكن كانت تعتبره ثمنًا حقيقًا لما تؤمن به "يوم ما فقدت منصبي عشان بلدي، بعتبر ده أحد الأيام المجيدة في حياتي".
استمر سعي الجبالي نحو التخلص من حكم الإخوان، الذي رأته مهددًا للوطن ومقوماته، فدعت لتأسيس حركة التحالف الجمهوري في 9 يونيو 2013 قبيل ثورة 30 يونيو لمواجهة حكم الإخوان، وكانت مساندة لخارطة الطريق التي تم الإعلان عنها في 3 يوليو 2013.
وفاة تهاني الجبالي
حاولت المستشارة تهاني الجبالي أن تستعيد منصبها، بعد رحيل الجماعة عن الحكم، من خلال طعن قدمته للمحكمة الدستورية العليا عام 2018، ولكن قوبل الطعن بالرفض.
كانت الجبالي ضمن السيدات الأكثر تأثيرًا في مصر والوطن العربي، حتى رحيلها في 9 يناير/ كانون الثاني عام 2022 متأثرة بإصابتها بفيروس كورونا.
aXA6IDMuMTI4LjMzLjIwOSA= جزيرة ام اند امز US