الدفع أو التخلي.. ماذا يحمل ترامب لـ الناتو وأوروبا؟ - مصر بوست
عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في موقع مصر بوست نقدم لكم اليوم الدفع أو التخلي.. ماذا يحمل ترامب لـ الناتو وأوروبا؟ - مصر بوست
06:07 م الخميس 14 نوفمبر 2024
كتب- أحمد جمعة:
حَملت عودة الرئيس الأمريكي المُنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، مخاوف جمة بين أعضاء حلف شمال الأطلسي، على وقع تصريحاته المثيرة خلال حملته الانتخابية والتي هددت خلالها بانسحاب بلاده من الناتو إن لم تفِ الدول الأوروبية بزيادة إنفاقها الدفاعي.
ومن المُنتظر بشكل كبير أن يعيد الرئيس المُنتخب تشكيل السياسة الخارجية للولايات المتحدة خاصة مع سيطرة حزبه الجمهوري على الكونغرس، وسط تقارير تصف ولاية ترامب الجديدة بـ"المحورية".
ولطالما كان ترامب متشككًا في الناتو، بحجة أن الولايات المتحدة تساهم بشكل كبير مقارنة بأوروبا، ومع ذلك قال خلال حملته إنه سيبقى في الحلف ما دامت الدول الأوروبية "تتعامل بعدالة ولا تستغل" مستويات الإنفاق الدفاعي العالية للولايات المتحدة.
تمادى ترامب في انتقاده اللاذع للناتو للدرجة التي دفعته للقول إنه "قد يشجع" روسيا على مهاجمة أعضاء حلف شمال الأطلسي التي لا تفي بالتزاماتها المالية.
لكن سرعان ما وجه الأمين العام لحلف الناتو، مارك روته، التهنئة لترامب فور إعلان فوزه، مذكرًا إياه بأن "العمل المشترك عبر الناتو يساعد في ردع العدوان، وحماية أمننا الجماعي، ودعم اقتصاداتنا".
وقلل روته، من مخاوف فوز ترامب، إذ قال إن الولايات المتحدة ستخاطر بالعزلة في "عالم قاسٍ لا هوادة فيه" إذا سعى ترامب للانسحاب من الحلف العسكري.
وتلتزم دول الناتو الـ 32 بعد توسعه مؤخرًا بضم فنلندا والسويد، بإنفاق 2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع، وفقًا لتعهد الحلفاء بذلك في قمة ويلز عام 2014، لكن من المتوقع أن تحقق 23 دولة فقط هذا الهدف بحلول نهاية العام.
ومع ذلك، بيّنت صحيفة "الجارديان" البريطانية أنه من المتوقع أن يصل إنفاق الولايات المتحدة الدفاعي إلى رقم قياسي قدره 968 مليار دولار في عام 2024، في حين تقدر ميزانيات باقي أعضاء الناتو بنحو 506 مليارات دولار، أي 34% من الإجمالي الكلي.
تعد بولندا، التي تشترك في حدود مع أوكرانيا وروسيا، الأكثر إنفاقا بنسبة 4.1% من الناتج المحلي الإجمالي، ثم تأتي إستونيا في المرتبة الثانية بنسبة 3.4%، تليها الولايات المتحدة في المركز الثالث بنسبة 3.4%.
وفي بريطانيا، وعدت الحكومة العمالية بزيادة الإنفاق الدفاعي من 2.32% من الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.5%، لكنها لم تحدد جدولًا زمنيًا لتحقيق ذلك.
لن يفعلها!
من جانبه، رجح مدير الاستراتيجيات والتسليح بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن، والمسؤول السابق بحلف الناتو، وليام ألبيركي، ألا ينسحب ترامب من الناتو.
وقال ألبيركي في تصريحات خاصة لمصراوي: "تهديده كان مشروطًا بعدم كفاية مساهمات الحلفاء في الإنفاق الدفاعي، ولكن منذ توليه الرئاسة في ولايته الأولى، ارتفع عدد الحلفاء الذين ينفقون أكثر من 2% من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع من 4 إلى 23، وبالتالي يمكن القول إنه قد يكون له الفضل جزئيًا في ذلك، إلى جانب إدراك الحلفاء للتحديات المستمرة مع روسيا على المدى الطويل".
و بشأن استعداد الناتو للتعامل مع ترامب في ولايته الجديدة، اعتبر المسؤول السابق بالحلف أن "الناتو مستعدًا الآن".
وأضاف: "اختيار مارك روته رئيس الحكومة الهولندية السابق، كأمين عام جديد للناتو كان جزئيًا لضمان علاقات جيدة مع الولايات المتحدة، إذ أن سياسة روته، رغم عدم تطابقها الكامل مع جناح ترامب في الحزب الجمهوري، هي أقرب كثيرًا مقارنة بالأمين العام السابق ينس بستولتنبرغ، على الرغم من أن الأخير قدم أداءً رائعًا في التفاهم مع ترامب خلال ولايته الأولى".
وفي نهاية يونيو الماضي، عيّن حلف الناتو "روته" أميناً عاماً جديداً، في مرحلة حساسة للتكتل الدفاعي بالنظر لاحتدام الحرب في أوكرانيا وغموض موقف الولايات المتحدة.
وفق رؤية مدير الاستراتيجيات والتسليح بالمعهد العالي للدراسات الاستراتيجية، فإن الدعم الأمريكي لأوكرانيا "سيتم تقليصه بشكل حاد"، موضحا أن ترامب سيحظى بسيطرة على الكونغرس، مما يتيح له فرض شروطه الخاصة، ويبدو أن حلفاءه في الكونجرس يعارضون مثل هذا الدعم.
ما أهمية الحلف لأمريكا؟
بدوره، قال نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق مايك ملروي، في تصريحات لـ"مصراوي"، إن "الناتو اليوم أكثر أهمية من أي وقت مضى منذ الحرب الباردة، وهو أساسي للمصالح الأمنية الأمريكية".
وتعود فكرة إنشاء حلف الناتو إلى عام 1947 عندما أبرمت المملكة المتحدة وفرنسا "معاهدة دونكيرك" باعتبارها اتفاقا لتحالف مشترك ضد أي هجوم محتمل من ألمانيا في أعقاب الحرب، بمشاركة 12 دولة مؤسسة بينها الولايات المتحدة وإنجلترا وفرنسا وإيطاليا وهولندا، قبل توسعه ليضم دولا جديدة في سنوات لاحقة.
لعل الدور الأبرز لحلف الناتو هو الدفاع الجماعي ضد أي تهديد لأعضائه، حسبما تنص المادة الخامسة من ميثاقه على "أي هجوم أو عدوان مُسلّح ضد طرف من الحلف، يعتبر عدوانا عليهم جميعا، ومن حقهم الرد باتخاذ الإجراءات التي يراها الحلف ضرورية على الفور".
وعن موقف ترامب من الحلف، أضاف ملروي أنه "من المهم أن نلاحظ أن كل رئيس تقريبًا طالب بأن يفي جميع أعضاء الناتو بالتزامهم بالمساهمة في الدفاع الفردي والجماعي، كما أن الانسحاب من هذا التحالف لن يكون في مصلحة الولايات المتحدة".
"هذه الحقيقة ستتحكم في القرار النهائي، لكن نظرًا لتعليقات الرئيس ترامب السابقة حول هذا الموضوع، يشعر الكثيرون بالقلق من احتمال حدوث ذلك"، بحسب مساعد وزير الدفاع الأمريكي السابق.
وعما سيفلعه الناتو مع ترامب، قال ملروي: "سواء كان مستعدًا أم لا، فقد اختار الشعب الأمريكي ترامب رئيسًا، ويجب على جميع الدول الأعضاء المساهمة فورًا بالمبلغ الذي تلتزم به بموجب الاتفاقية".
أما مدير الاستراتيجيات والتسليح بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية فاختتم حديثه بالقول: "سنرى قريبًا الفارق بين الخطاب السياسي وواقع الحُكم".