المواطَنة الرقمية
في ظل اكتساح الرقمنة (Digitation) مجالات الحياة، وتعقيدات حاجيات إنسان الألفية الثالثة من جهة، وعصر السرعة من جهة ثانية؛ عمدت دول عديدة إلى تبني منظومة “المواطنة الرقمية” (Digital Citizenship) بهدف تمكين مواطنيها من الانخراط بفعالية في حياة مجتمع المعرفة (Knowledge Life)، بوصفها “الشخص المواطن الذي يتفاعل مع الآخرين ويحترم حقوقهم، ويعرف كيف يستخدم التكنولوجيا الرقمية بكيفية مسؤولة، وفي آنٍ يعزف عن نشر الأخبار الكاذبة، وفيه احترام لخصوصيات الآخرين، ولا يقوم بالتنمر عبر الإنترنت”، عكس مواطَنة رقمية سيئة، تستخدم شبكة الإنترنت في مجالات القذف والتشهير، أو عندما تنشر معلومات شخصية عن آخرين دون إذن.
فالمواطنة الرقمية؛ تبعًا للمثالين آنفي الذكر؛ هي ببساطة أن يكون صاحبها شخصًا جيدًا وحياديًا في العالم الرقمي تمامًا كما يكون في العالم الواقعي. ويحق لنا طرح الإشكالية: هل المواطن المغربي حاليًا بلغ درجة من النضج تسمح له بحمل المواطَنة الرقمية؟ ما هي نسبة المواطنين الذين يشاركون بفعالية في صنع القرارات عبر المنصات الرقمية؟
صورة بخلفية قاتمة
إن نسبة كبيرة من الشباب المغربي تقضي الساعات الطوال يوميًا على وسائل التواصل الاجتماعي. فهل يعني ذلك أنهم بالضرورة “مواطنون رقميون” (Digital Citizens) واعون بحقوقهم وواجباتهم؟ لنعتمد مقاربة الملاحظة العلمية الأمبريقية (Empiricism)، فنقول، تبعًا لعدة مؤشرات، منها الأمية الأبجدية وضعف التواصل مع الأجهزة الرسمية، إن استعمال شبكة الإنترنت من قبل شريحة واسعة من المغاربة؛ خاصة الشباب، غير منفتح على المواطنة الحقة، بل ينحصر مجال استعمالها للنت بالكاد في أغراض ترفيهية ونزواتية.
طموح يظل مقيدًا
على الرغم من أن المغرب يولي اهتمامًا كبيرًا لتطوير البنية التحتية الرقمية، إلا أن العديد من المواطنين لا يزالون يفتقرون إلى المهارات الرقمية الأساسية واللازمة للمشاركة الفعلية في المجتمع الرقمي أو بالأحرى المجتمع المعرفي. فتواصل المواطن مع الأجهزة الرسمية الحكومية؛ عبر الفضاء الأزرق، موسوم دومًا بقليل من التجافي واللامبالاة، ذلك أن استعمال المواقع الإلكترونية، الحكومية منها وشبه الحكومية، تظل صماء أو بالأحرى مهجورة؛ لا تجيب، سواء تعلق الأمر بموقع إلكتروني أو رقم هاتفي. وبالتالي، يبقى أبرز شرط للمواطنة الرقمية معطلاً، ما يخلق اليأس وأحيانًا الإحباط وعدم الثقة بين المواطن والأجهزة الحكومية الرقمية.
دور التعليم في تعزيز المواطنة الرقمية
يلعب قطاع التعليم دورًا محوريًا في تعزيز المواطنة الرقمية، وذلك من خلال المداخل التالية:
- دمج مفاهيم المواطنة الرقمية في المناهج الدراسية، مع تقديم مفاهيم أساسية حول الإنترنت والسلامة الرقمية (Digital Safety) وحقوق الملكية الفكرية منذ سن مبكرة.
- دمج مفاهيم المواطنة الرقمية عبر مواد اللغة والاجتماعيات والعلوم لتوفير رؤية شمولية.
- تطوير برامج لفائدة المدرسين حول موضوع المواطنة الرقمية بطرق مبتكرة وفعالة.
- توفير بيئة رقمية آمنة (Secure Digital Environment).
- حماية التلاميذ والطلاب من المحتوى الضار والتحرش عبر الإنترنت، من خلال تطبيق سياسة أمنية واضحة.
- إنشاء نوادٍ تكنولوجية في المدارس، لتشجيع التلاميذ على تطوير مشاريعهم الرقمية عبر قنوات المسابقات الرقمية؛ الوطنية منها والدولية.
- العمل على تشجيع البرمجة بموازاة مع البرامج والمناهج التعليمية.
النشرة الإخبارية
اشترك الآن في النشرة البريدية لجريدة هسبريس، لتصلك آخر الأخبار يوميا
اشترك
يرجى التحقق من البريد الإلكتروني
لإتمام عملية الاشتراك .. اتبع الخطوات المذكورة في البريد الإلكتروني لتأكيد الاشتراك.
لا يمكن إضافة هذا البريد الإلكتروني إلى هذه القائمة. الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني مختلف.>