حزام النار الإسرائيلي يطوق بيروت.. «الضغط الأقصى» يتخطى الخط الأحمر
نادرة هي الهجمات التي شنتها إسرائيل على العاصمة اللبنانية بيروت منذ بدء الحرب، لكنها قصفت اليوم وأمس 3 مناطق في قلب العاصمة اللبنانية، ما أثار تساؤلات حول أهدافها.
وما بين محاولة الضغط الأقصى على حزب الله لإرغامه على قبول تسوية بشروط إسرائيلية، وما بين الرغبة في التدمير وإلحاق أكبر ضرر ممكن بحزب الله، فسر خبراء لـ"العين الإخبارية" هذا الاستهداف الإسرائيلي لوسط بيروت.
هجمات نادرة على وسط بيروت
وطالما استهدفت إسرائيل جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع (شرقا) ومناطق في الشمال، لكن نادرا ما قصفت قلب بيروت.
وكانت غارة إسرائيلية استهدفت مبنى قرب جسر الكولا في 30 سبتمبر/أيلول الماضي، الأولى التي تُسجل في وسط بيروت منذ بدء المواجهات في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بل منذ نهاية حرب يوليو/تموز 2006، وبعدها بيومين كانت الغارة الثانية في منطقة الباشورة، في بيروت.
ومنذ ذلك الحين، بدت بيروت في منأى عن "حزام النار الإسرائيلي"، حتى التحقت به بقوة منذ أمس، فخلال 24 ساعة قصفت إسرائيل 3 مناطق في قلب العاصمة اللبنانية.
بدأ الاستهداف أمس بقصف مقر "حزب البعث العربي الاشتراكي" في منطقة رأس النبع، القريبة من مقر السفارة الفرنسية في وسط بيروت، حيث قُتل 7 أشخاص بينهم المتحدث باسم "حزب الله" محمد عفيف، في حصيلة نهائية أعلنها اليوم مركز عمليات الطوارئ التابع لوزارة الصحة اللبنانية.
وبعد عدة ساعات، قصفت إسرائيل مساء أمس، مبنى وسيارة في شارع "مار الياس" في وسط بيروت، ما أسفر عن مقتل 3 أشخاص بينهم امرأة.
وشارع "مار إلياس"، واحد من أهم المراكز التجارية في قلب بيروت، إذ يعج بالمحال ومراكز التسوق والمارة.
واليوم الإثنين قصفت إسرائيل مبنى في منطقة زقاق البلاط القريبة من مقر رئاسة الحكومة اللبنانية، في وسط بيروت.
وذكرت وكالة "فرانس برس" نقلا عن مصدر أمني أن إسرائيل شنت غارة جديدة "قرب حسينية الزهراء في منطقة زقاق البلاط"، وهي منطقة مكتظة بالسكان وتؤوي مدارسها العديد من النازحين.
ووفق وزارة الصحة اللبنانية فإن الغارة الإسرائيلية خلفت 4 قتلى و18 مصابا في حصيلة أولية.
فيتو أمريكي
ويأتي هذا القصف لوسط بيروت، رغم أن وزارة الخارجية الأميركية، كانت قد أعلنت منتصف الشهر الماضي، على لسان المتحدث باسمها ماثيو ميلر، أنها تعارض حملة القصف التي تُنفذها إسرائيل في بيروت.
وقال ميلر إن: "هناك ضربات محددة من المناسب لإسرائيل تنفيذها، لكن عندما يتعلق الأمر بنطاق وطبيعة حملة القصف التي شهدناها في بيروت خلال الأسابيع القليلة الماضية، فهذا شيء أوضحنا لحكومة إسرائيل أننا نشعر بالقلق تجاهه ونعارضه".
وكان ميلر يشير بذلك إلى الغارات التي تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت، إذ لم تكن إسرائيل قد وسعت دائرة استهدافها لتشمل وسط بيروت.
ويأتي هذا التطور فيما تتواتر تقارير عن تسوية مرتقبة في لبنان يروج لها المبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين، الذي كان مقررا أن يصل بيروت غدا لمواصلة مشاوراته بشأنها، لكن باراك رافيد مراسل موقع "أكسيوس" قال إن هوكشتاين أبلغ رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري أنه أجل سفره إلى بيروت حتى الحصول على مزيد من التوضيحات حول الموقف اللبناني من "اتفاق وقف إطلاق النار".
وقال مسؤولون أمريكيون إن "الكرة الآن في ملعب لبنان. نريد إجابات من لبنان قبل أن يغادر هوكشتاين إلى بيروت".
وفيما فصل الخبير الاستراتيجي والعسكري المصري اللواء دكتور سمير فرج بين قصف وسط بيروت ومسار التسوية، رأى الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور بشير عبد الفتاح، أن هذا القصف هدفه إرغام لبنان على قبل "تسوية بشروط إسرائيلية".
لا للقصف علاقة بالتسوية
وقال فرج، لـ "العين الإخبارية"، إن "ملاحقة إسرائيل قادة وعناصر حزب الله هو سبب قصف بيروت، فبعدما فر محمد عفيف من الضاحية الجنوبية، إلى وسط بيروت استهدفته إسرائيل فيها"، مضيفا: "لا اعتقد أن التسوية لها علاقة بهذا القصف".
وأعرب عن اعتقاده أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لن يُعطي التسوية للرئيس الأمريكي المنتهية ولاته جو بايدن، ولكنه ينتظر تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب لقف إطلاق النار.
وقال الخبير المصري إن: "أمريكا لن تفعل أي شيئ في الفترة المقبلة، والشهور القادمة ستستغلها إسرائيل لاستكمال تدمير القوة العسكرية لحزب الله".
لا اختراق في ولاية بايدن
لكن الدكتور بشير عبد الفتاح، وإن اتفق مع اللواء سمير فرج في أن الفترة المتبقية لبايدن لن تشهد تحقيق اختراق في الملف اللبناني، إلا أنه رأى أن "نتنياهو يستغل الأيام المتبقية في ولاية بايدن من أجل تحقيق الضغط العسكري الأقصى على لبنان وحزب الله، لقبول تسوية بشروط إسرائيلية، ليبقى اللبنانيون أمام خيارين: إما معاناة لا يتحملونها عبر الضغط العسكري، أو قبول تسوية مُجحفة".
وأوضح عبد الفتاح، في حديث لـ "العين الإخبارية"، أن نتنياهو لا يريد إيقاف إطلاق النار، فاستمرار الحرب يُمثل فرصة له للفرار من المحاكمة والتهرب من المساءلة، لافتا إلى أن "استمرار العمليات العسكرية محاولة لتعظيم شعبية نتنياهو والظهور كما لو أنه القائد الذي يستطيع القضاء على المقاومة".
وتابع: "نتنياهو يريد الاستمرار في الحرب حتى يأتي ترامب ويؤيد الشروط الإسرائيلية للتسوية، وهو يسعى إلى أن يكون في تلك اللحظة في وضع عسكري يؤهله لفرض شروطه".
وأوضح عبد الفتاح أنه لا يعول كثيرا على جولات المبعوث الأمريكي أو أي من مسؤولي إدارة بايدن في تلك الفترة، إذ يسعى الرئيس المنتهية ولايته إلى ممارسة دوره حتى الرمق الأخير، وربما لديه أمل في تحقيق اختراق، لكن الحقائق على الأرض لا تدفع في اتجاه التسوية.
aXA6IDMuMTI4LjMzLjIwOSA= جزيرة ام اند امز US