حرب الصواريخ بأوكرانيا.. فرنسا وبريطانيا غارقان بـ«الغموض الاستراتيجي»
تتجه الأنظار إلى لندن وباريس بعد قرار الرئيس الأمريكي جو بايدن السماح لأوكرانيا باستخدام الصواريخ الأمريكية لضرب أهداف داخل روسيا.
وتبرعت فرنسا والمملكة المتحدة بصواريخ كروز من طراز ستورم شادو/سكالب إلى كييف.
وحتى الآن، لم تحصل لندن على إذن من الولايات المتحدة للسماح باستخدام هذه الصواريخ لمهاجمة أهداف في روسيا، بينما لا تزال باريس غامضة بشأن ما يمكن أن يفعله الأوكرانيون.
وبحسب موقع مجلة "بوليتيكو" الأمريكية فأنه رغم أن صواريخ كروز الأوروبية يتم تصنيعها من قبل شركة "MBDA"، إلا أن الولايات المتحدة تتحكم في بعض تقنيات الشركة، مما يعطيها صوتًا في استخدامها.
وقال ماثيو سافيل، مدير العلوم العسكرية في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن: ”لقد أبدت كل من الحكومة الفرنسية والبريطانية في السابق استعدادهما للموافقة على استخدام أوكرانيا لصواريخ كروز التي زودتا بها ضد أهداف في روسيا".
وأضاف ”إلا أن كلاهما يعتمدان على بيانات استهداف محدثة تأتي على الأرجح من الولايات المتحدة، مما يعني أنهما أيضًا أن الاستخدام الأوكراني مقيد لمثل هذه الصواريخ.“
وحتى الآن تم استخدام كل من الصواريخ الأمريكية والأوروبية ضد أهداف تحتلها روسيا داخل أوكرانيا، بما في ذلك أسطول البحر الأسود الروسي الذي كان متمركزاً في شبه جزيرة القرم قبل أن يضطر للخروج إلى الموانئ الروسية البعيدة عن القتال.
"غموض استراتيجي"
وأعطت فرنسا عدة عشرات من صواريخ سكالب إلى كييف. وقال اثنان من المسؤولين الفرنسيين لمجلة "بوليتيكو" الأمريكية، إن باريس لا تحتاج إلى موافقة واشنطن للسماح للأوكرانيين باستخدامها، ولكن حتى الآن لا توجد أي إشارة على استخدام كييف لصواريخ سكالب على أهداف داخل روسيا.
وأمس الإثنين، كرر وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، موقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن ”الغموض الاستراتيجي“.
وقال للصحفيين في بروكسل، متحدثًا قبل اجتماع مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي: ”قلنا صراحةً أن السماح لأوكرانيا بضرب أهداف داخل روسيا كان خيارًا سنفكر فيه.. لذا، لا جديد تحت الشمس.“
وردًا على سؤال حول ما إذا كانت الحكومة البريطانية ستتبع خطوة بايدن بشأن الصواريخ بعيدة المدى، قال متحدث باسم رئاسة الوزراء البريطانية، إن المملكة المتحدة ”كانت ثابتة طوال الوقت على أن تقديم تفاصيل محددة بشأن المسائل العملياتية لن يفيد سوى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال حرب غير قانونية مستمرة“.
وأضاف المتحدث: ”لقد كان الحال دائمًا أننا نعمل بشكل وثيق مع حلفائنا ونشارك لضمان أننا من الناحية الاستراتيجية نقدم الدعم الذي تحتاجه أوكرانيا، ونفعل ذلك بالتشاور مع أوكرانيا ومع بعضنا البعض كحلفاء“.
وتبرعت إيطاليا أيضًا بصواريخ سكالب، لكنها أوضحت منذ فترة طويلة أنها لن تسمح باستخدامها داخل روسيا.
وقال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني للصحفيين في بروكسل أمس الإثنين: ”سنواصل اتباع الخط الذي اتبعناه دائمًا“.
لكن خطوة بايدن تحظى بدعم واسع النطاق من التكتل الأوروبي. إذ قال كبير دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل: ”لقد قلت مرارًا وتكرارًا أنه يجب أن يكون الأوكرانيون قادرين على استخدام الأسلحة التي نقدمها لهم ليس فقط لإيقاف السهام، ولكن أيضًا للتمكن من إصابة الرماة“.
موقف ألمانيا
كما أنه يزيد من الضغط على المستشار الألماني أولاف شولتز لإعادة التفكير في رفضه العنيد لتزويد أوكرانيا بصواريخ كروز من طراز توروس الخارقة للتحصينات. وحتى الآن، لم يتزحزح شولتز عن موقفه.
وقال المتحدث باسمه: ”هناك حدود معينة للمستشار.. إنه لا يريد تسليم هذه الأسلحة بعيدة المدى.. هذا الموقف لن يتغير“.
وظلت أوكرانيا تناشد حلفاءها لأشهر لتخفيف القيود المفروضة على استخدام الصواريخ. وعلى الرغم من اتخاذ واشنطن هذه الخطوة، إلا أنه ليس من الواضح أنه سيكون له تأثير كبير على الحرب.
وقال جيمس نيكسى، مدير برنامج روسيا وأوراسيا في تشاتام هاوس: ”لا تحتاج المملكة المتحدة وفرنسا إلى الكثير من التشجيع لتحذو حذوهما. أما ألمانيا فلا تزال تتراجع“.
وتمتلك أوكرانيا بالفعل صواريخ بعيدة المدى خاصة بها وتعمل على تطوير المزيد منها، كما أنها تضرب بانتظام أهدافًا روسية بطائراتها بدون طيار. ولكن الأسلحة الغربية توفر لكمة دقيقة وقوية تفتقر إليها كييف حتى الآن.
الفارق بين الصواريخ
صاروخ ”أتاكمز“ الذي سمحت واشنطن لكييف باستخدامه بعيد المدى، صنعته شركة لوكهيد مارتن وفي الخدمة منذ عام 1991. ويعد ”أتاكسمز“ صاروخا باليستيا يُطلق من الأرض ويبلغ مداه حوالي 300 كيلومتر.
ويمكنه حمل نوعين من الرؤوس الحربية: الذخائر العنقودية التي ترسل قنيبلات متناثرة عبر المنطقة المستهدفة، ورأس حربي أحادي يزن 214 كيلوغرامًا يستخدم للمنشآت المحصنة.
وتستخدم أوكرانيا هذا الصاروخ منذ عام 2023، حيث تم تزويدها في البداية بنسخة M39 بلوك الأقصر مدى.
فيما تتشابه صواريخ ستورم شادو/سكالب، وصواريخ توروس الانسيابية إلى حد كبير.
فكلاهما يُطلق من الطائرات المقاتلة، ويبلغ طولهما حوالي 5 أمتار، ووزنهما متشابه تقريباً: 1300 كغم لستورم شادو/سكالب، و1400 كغم لصاروخ توروس. ويصل مدى كل منهما إلى حوالي 500 كيلومتر، ولهما رؤوس حربية متشابهة للغاية - 450 كغم و461 كغم على الترتيب.
ومع ذلك، فإن الرأس الحربي لـ”توروس“ من طراز ”مفيستو“ مناسب تمامًا لتفجير أهداف متعددة الطبقات أو مدفونة، مما يجعله مفيدًا ضد جسر مضيق كيرتش الذي يربط روسيا بشبه جزيرة القرم، وفق بوليتيكو.
aXA6IDMuMTI4LjMzLjIwOSA= جزيرة ام اند امز US